كشفت بيانات لوزارة الصحة الجزائرية، أنّ بلادها تشهد 19 ألف ولادة العام الماضي، وتستعد الجزائر في غضون الفترة القليلة المقبلة لإنجاز أول مركز نموذجي خاص بالإنجاب الاصطناعي، بعدما ظلّ الأخير محصورا في القطاع الخاص منذ أول عملية من هذا النوع تمت بالجزائر العام 1986.
وأظهر تقرير رسمي، أن ستمائة حامل يتوفين سنوياً نتيجة تعقيدات تتعلّق بالحمل أو الولادة، بما يعادل 97 حالة وفاة من كل مئة ألف حالة، بينما تفارق 50 بالمئة من الحوامل الحياة في المناطق الريفية في سيارات الإسعاف لدى نقلهن إلى مستشفيات أخرى، كما توجد 18.4 بالمئة من الحوامل يتوفين بسبب ارتفاع الضغط الدموي الذي يغفل عنه الأطباء في كثير من الأحيان، كما يتوفى 6.16 بالمئة من الحوامل بسبب النزيف الدموي، وبالنسبة إلى المواليد، يتوفى 30 مولوداً في كل ألف ولادة طبيعية.
ويرى خبراء أهمية استثمار الجزائر في مجال الاستثمار في التربية الصحية، وكذا التخطيط العائلي، من أجل منح المجتمع الجزائري دينامية من لون مغاير، وتحقيق أهداف الألفية في المجال الصحي، على درب تحسين صحة الإنجاب مع آفاق 2015، من خلال حماية صحة الأمهات والأطفال وتوفير الموارد اللازمة لذلك والعمل على التخفيض من وفيات الأمهات الحوامل والأطفال الرضع.
وبحسب مراجع رسمية، فإنّ نسبة النمو الديمغرافي في الجزائر، تراجعت مقارنة في السابق، حيث كانت من أعلى النسب عالميا بـ3,4 %، لتصير بمستوى 1,53 %، وهو ما يمثل تراجعا ملحوظا، ربطه كثيرون بما أعقب أعمال العنف التي اشتدت في الجزائر خلال السبعة عشر سنة الأخيرة، ناهيك عن المشكلات الاجتماعية الجمة التي يواجهها قطاع كبير من الجزائريين، سيما الموظفين محدودي الدخل وكذا آلاف الشباب العاطلين العمل، ما تسبب أيضا في تراجع معتبر على صعيد معدل سن الزواج الذي صار 29 سنة بالنسبة للإناث و33 سنة بالنسبة للذكور، مع انخفاض كبير في نسبة الإنجاب، خصوصا مع كشف دوائر صحية عن استخدام 61 بالمئة من النساء هناك ممن هنّ في سن الإنجاب لأقراص منع الحمل، علما أنّ سن اليأس لدى الجزائريات يلامس الـ50 عامًا.
وعلى هذا، حذر أطباء ومختصون من اتجاه المجتمع المحلي نحو "الهرم"، طالما أنّ نسبة الخصوبة تراجعت كثيرا، حيث لم يتعدّ معدل الولادات في السنوات الأخيرة مستوى 2,27 طفل لكل امرأة، وقال معدو دراسة أشارت إليها "إيلاف" مؤخرا، إنّه في حال تراجع هذه النسبة إلى حدود 2 بالمئة، فإنّ ذلك يعني خطرا محدقا على النمو الديمغرافي في الجزائر، بشكل يجعلها تعايش السيناريو نفسه الذي تعاني منه دول أوروبية.
ويعرف سن الزواج في الجزائر تأخرا ملحوظا منذ تسعينات القرن الماضي، تبعا لتكاليفه العالية والمغالاة في المهور وتوابعها، وعجز الشباب عن الوفاء بمتطلبات عش الزوجية، ما خلّف نحو ثمانية ملايين فتاة عانس، بينهنّ 4.5 فتاة عانس تجاوزنّ سن الأربعين، فضلا عن عزوف قطاع مهم من الفتيات عن إتمام نصف دينهنّ وتفضيلهنّ استكمال دراستهنّ والظفر بمناصب شغل محترمة، في وقت ركز مختصون على حتمية توعية الجنسين بأهمية بناء أسر، وقيام السلطات المحلية بمنح تسهيلات للمقبلين على الزواج بعد أن صار سن الزواج في الجزائر بحدود 30 سنة فما فوق.
في غضون ذلك، أبدت السلطات الجزائرية تصميما على تسريع وتيرة إنجاز مركز ضخم للإنجاب الاصطناعي، وهو يمثل حاجة ملحة في البلاد، بعدما بقي السكان المحليون يفتقرون إلى هذا النوع من الهياكل، وسيكون المركز بحسب إيضاحات مجهزا بأحدث المعدات الطبية ومدعوما بعدة مرافق على غرار قسم للتوليد ومصلحة جديدة للاستعجالات الطبية والجراحية، وكذا مخبر يأتي ليعزز الصيدلية المركزية بالإضافة إلى قسم للإنعاش.
وذكر وزير الصحة الجزائري "سعيد بركات" أنّ بلاده تراهن على إرجاع المراكز الاستشفائية الجامعية إلى دورها الأساسي المتمثل في البحث العلمي والتكوين الطبي والعلاج ذي المستوى العالي، إضافة إلى إجراء العمليات الصعبة، كما أبرز بركات أيضا ضرورة خلق مراكز امتياز على مستوى كل مركز استشفائي جامعي، فضلا عن إعادة الاهتمام بالتكوين شبه الطبي.